مهارات القيادة الادارية - الفصل الثاني : الاتصال والتواصل

كنا قد عالجنا في الفصل الاول مميزات المسؤول - القدوة في حزبنا وفقا لمعايير النهضة السورية القومية الاجتماعية، اما في الفصل الثاني سنعالج مواضيع مهارات الإتصال والتواصل من وجهة نظر علم الإدارة الحديث للإستفادة من التجارب الايجابية وتدعيم أساليب المسؤول - القدوة في فهم طبائع الموارد البشرية وتوظيف قدراتها في المسؤوليات الإدارية الصحيحة.
إن مهارات الاتصال والتواصل تشكل الأداة الأساسية في التعامل مع الموارد البشرية، فإن ضعفت ضعف التواصل بين المسؤول - القدوة والأعضاء المسؤول عنهم، وإن تفعلت زادات القدرة على فهم الاخرين وزال سوء الفهم وتحققت الوحدة الروحية المدعمة بروح القدوة. فالهدف من مقاربة مهارات التواصل من الناحية العلمية هو للمساعدة على فهم مسببات النزاعات وفقدان الانسجام في دائرة العمل الواحدة. ولفهم هذه المهارات علينا أولا تحديد أسسها كما وصفها أريك بيرن وهي تتلخص بوسائل الاتصال، ودوائر الاتصال، والتحليل التفاعلي.
وسائل الاتصال : تتلخص وسائل الاتصال المباشر بين البشر بالكلمات، ونبرة الصوت، والتعبير الجسدي الذين يشكلون التعبير الكلي في الاتصال. ولكن نسبة تأثير كل منها يتباين وفقا للنسب التالية :
وسائل الاتصال :
- 12% كلمات
مرحبا، لا تذهب، جاء فلان، معقول، .......
- 38% نبرة الصوت
منخفضة، صاخبة، باردة، مستهزئة، ضاحكة، هادئة، .....
- 50% التعبير الجسدي
حركة العينين، الوجه، اليدين، الاكتاف، الرأس، .....
قد يتفاجئ المرء عن تدني نسبة الكلمات في التعبير والتي تشكل فقط 12% من التعبير الكلي، ولكن الواقع أن الكلمات وحدها تبقى جافة ولا تعبر عن المشاعر التي تحيط بها، فكلمة "مرحبا" مثلا هي كلمة واضحة وتعني التأهيل ولكن نبرة الصوت أو التعبير الجسدي قد يعكس المعنى وتصبح لا أهلا ولا سهلا اذا ما رافق كلمة "مرحبا" نبرة صوت مستهزئة ووجه قاتم. كما أن لنبرة الصوت تأثير على الاتصال والذي من خلاله يمكننا تحليل شخصية المتكلم فإذا كانت هادئة فهي تنم عن شخصية هادئة، سريعة تنم عن شخصية متسرعة، وازنة تنم عن شخصية وازنة. ويبقى للتعبير الجسدي النسبة الأعلى لانها تظهر المشاعر التي تقف وراء الكلمات ونبرة الصوت. فالإتصال ليس فقط جمل من الكلمات وانما نبرة الصوت التي تدعم المعنى، والتعبير الجسدي الذي يعبر عن المشاعر التي تدعم المعنى وتؤكد شخصية المتواصل.
لذا على المسؤول - القدوة ان تتزن جمله بالكلمات المناقبية الواضحة وان تكون نبرة صوته وازنة وثاقبة وان يكون تعبيره الجسدي وازن وداعم.

دوائر الاتصال : تتحدد دوائر الإتصال بالمسافة التي تفصل بين الافراد المتواصلين وهي تتمثل بالدوائر التالية :
- الدائرة الخاصة : وهي الدائرة الصغرى التي تتعلق بالأمور الخاصة بالفرد.
- الدائرة الشخصية : وهي الدائرة الوسطى التي تتعلق بالعلاقات الشخصية بالفرد.
- الدائرة الإجتماعية : وهي الدائرة الخارجية التي تتعلق بعلاقة الفرد بالمجتمع.

تتسع مسافة هذه الدوائر وتضيق وفقا لطابع الفرد التي تميزه عن غيره. فالبعض يقلص من مسافة دوائر الإتصال وهذا يدل عن شخصية منغلقة تسعى الى تقليل نسبة التواصل مع محيطه، وبعض من الاشخاص يعملون على دوائر متزنة تحافظ على مسافة العلاقات وتسمح بالمحافظة على الخصوصية الضرورية. اما البعض الآخر يعمل الى توسيع دوائر تواصله فاسحا بالمجال امام تواصل أكبر.
بكافة الاحوال على المسؤول - القدوة أن يحصر تعامله، فيما يختص بالعمل الحزبي، ضمن دائرة التواصل الإجتماعي كي لا يقع فريسة النزاعات الخاصة أو الشخصية. وهذا لا يمنع المسؤول - القدوة من ان يقدم الارشاد والتوجيه في الدائرتي الخاصة والشخصية إذا ما طلب مالك هذه الدوائر منه ذلك.

التحليل التفاعلي:يتم من خلاله التعرف على طبائع البشر بهدف توظيف قدرات هذه الطبائع في المجالات الإدارية المناسبة. فوفقا لأريك بيرن تنقسم الطبائع البشرية الى ثلاثة أطباع أساسية وهي الأهل، والراشد، والطفل. تتمتع شخصية "الأهل" بالخبرة والمسؤولية وتعتمد في تحاليلها على ما إكتسبته من خبرات الماضي. أما الراشد فيعتمد في تحاليله على المنطق ويعالج كافة الأمور وفقا لما يحدده المنطق. وبما أن شخصية الطفل لا تملك خبرة الماضي ولم تتملك بعد من المنطق، تتمتع شخصيته بالأحاسيس والمشاعر وتبني قراراتها وفقا لها. وبما أن العقل هو الشرع الأعلى، وفقا لما آمن به أنطون سعاده، يتوجب على المسؤول - القدوة أن يبني قراراته وتواصله بصفة الراشد وهذا ما تدعمه مفاهيم الادارة الحديثة حيث تحدد أن التواصل الأمثل يجب أن يكون بين راشد وراشد.
وسنوجز فيما يلي الطباع التفصيلية ونعرض خصائصها من حيث التعابير، ونبرة الصوت، والجمل، واللبس، والتصرفات التي من خلالها نستطيع التعرف على طباع الأشخاص الذين نتواصل معهم في محيطنا.
- الأهل (يحكم على الامور مستعينا بما تلقنه من الماضي)
- الناقد : من يجد دائما امر ينتقد عليه (نقد بناء)
- المغذي من يدعم ايجابيا
- الراشد (الجانب المنطقي من الانسان)
- يحلل ويترجم المعطيات ويقوم باصدار القرارات
- الطفل (التعاطي المبني على الاحاسيس والعواطف)
- المتأقلم :
- المتأقلم الخاضع (يتقيد بالانظمة والقوانين)
- المتأقلم الثوري (الفوضوي)

الأهل (يحكم على الامور مستعينا بما تلقنه من الماضي)
الناقد : من يجد دائما امر ينتقد عليه لباسه (على آخر طرز، كرافات، نظيف، رسمي، ...)
- قدرة على اتخاذ القرار
- شخصية حازمة سلطوي، جمله يحكمها الامر، يحترم ويلتزم بالوقت (فقط، جيد، دائما، بدون مناقشة، يجب، لا يجب، قلت لك سابقا،...)
- يستعمل التعميم في حديثه (الرفقاء، المسؤولين، القوميين، ...)
- جمله (قصيرة، مقررة، محددة، تحكمها الشعارات)
- التعابير (صادمة، مستهزئ، حادة، ...)
- صوته (هادئ، حاد، ناقد)
- تصرفاته (حماية وتطبيق قوانينه)
- يسيطر على دوائره ويتخطاها احيانا

الأهل (يحكم على الامور مستعينا بما تلقنه من الماضي)
المغذي : من يدعم ايجابيا
- لباسه (مريحة، لا يهتم للمظهر، ...)
- شخصية مغذية وقدرة على التنفيذ (لا تقلق، بامكان ايجاد حلول، الامرمتوقع، يمكن التعاطي معه، ساساعدك، دع الامر لي...)
- يستعمل التخصيص في حديثه لتخفيف تحميل المسؤولية الغير
- جمله (يتخللها الشروحات، داعمة)
- التعابير (هادئة، مشجعة، باسمة، مؤهلة، حامية...)
- تربيت على الكتف، المصافحة
- تصرفاته تقديم الهدايا، يتوقع الشكر في العلن
- يدخل الاخرين الى دوائره

الطفل (التعاطي المبني على الاحاسيس والعواطف)
الخاضع (يتقيد بالانظمة والقوانين)
- شخصية مموهة، يتأقلم مع محيطه، يتجنب النظر الى اعين الاخرين
- يستعمل التعميم في حديثه لتخفيف المسؤولية عنه
- جمله ضبابية وغير مكتملة (لا امانع، ساحاول، بالامكان، اعدك، بأمرك، عاراسي، ....)
- صمت دائم وقدرة على التحليل
- التعابير (اكتاف ملمومة، خجولة، محرجة...)
- يتطلع الى الحماية ولا يحب المواجهة
- يحافظ كليا على دوائره ولا يحب التدخل فيها

الطفل (التعاطي المبني على الاحاسيس والعواطف)
الثوري (لا يتقيد بالانظمة والقوانين)
- شخصية مترددة، لا يلتزم بالوقت، يضجر سريعا
- لباسه عادي متفلت
- تتملكه الاحساسيس (الضحك، البكاء، التعبير الصاخب، احب، اكره...)
- جمله سلبية ويلعب على الكلام (لا لا لا، غير صحيح، صحيح ولكن،....)
- صوته عال، معب، لديه طاقة عالية
- فوضة دائمة، ولديه قدره على الابتداع
- التعابير عفوية (التصفيق، القفز، الهز بالارجل، فرك اليدين...)
- يتطلع الى تحقيق سعادته بعيدا عن القيود
- دوائره متغيرة

بناء على ما تقدم سنعرض مدى نجاح العلاقة بين الطبائع التي تم ذكرها:
أهل ناقد – أهل ناقد :
- نزاع اذا لم تتقاطع القوانين والقواعد
- وئام اذا تقاطعت القوانين والقواعد ولكن يمكن ان تشكل مشكلة الى الاخرين

أهل ناقد – أهل مغذي :
- سيطرة ومن ثم نزاع خاصة اذا تحول أهل – مغذي الى ناقد مع قوانين مختلفة

أهل ناقد – طفل خاضع :
- سيطرة ومن ثم نزاع لعدم إلتزام طفل - خاضع بمتطلبات أهل - ناقد

أهل ناقد – طفل ثوري :
- نزاع منذ البدء لإختلاف الطباع بالكامل

أهل مغذي – أهل مغذي :
- وئام ومن ثم نزاع (منافسة على الشكر في العلن او اختلال تقديم الهدايا)

أهل مغذي – طفل خاضع :
- رضاء ومن ثم بعاد

أهل مغذي – طفل ثوري :
- وئام وحب ومن ثم بعاد

طفل خاضع - طفل ثوري :
- امتصاص للفوضى ومن ثم نفور من الطفل الثوري

طفل ثوري - طفل ثوري :
- منافسة الى ان احدهم ينسحب

توظيف الموارد في العمل الاداري
- الاستفادة من طفل – ثوري في عملية الابداع وطرح الافكار من خارج العلبة
- الاستفادة من طفل – خاضع في عملية دراسة جدوى الافكار المطروحة لقدرته على التحليل
- الاستفادة من أهل – ناقد لاتخاذ القرار بناء على التحليلات المطروحة لقدرته على أخذ القرار
- الاستفادة من أهل – مغذي لتنفيذ القرارت المتخذة لقدرته على الاستيعاب وتوفير جو العمل

الأستاذ / فهد بن عبدالله الصويغ